ندوةٌ فكريَةٌ بعنوان: “التداوي الذاتي في البقاع الأوسَط”…
بعد التنسيقِ المُسْبَقِ بينَ مديرةِ الفرع الثاني في معهدِ العلومِ الاجتماعيَةِ في الجامعةِ اللبنانية، الدكتورة تريز سيف، وبينَ الهيئَةِ الإداريَةِ للجمعيَةِ اللبنانيَة لعلم الاجتماعِ، عُقِدَتْ ندوةٌ فكريَةٌ في حرمِ الفرعِ، في قاعةِ المحاضرات رقم 205، يومَ الأربعاءِ الواقعِ في 28 أيار2025، عند الساعةِ الحاديةِ عشرة تمامًا، ضمنَ ميدان أنتروبولجيا الصحة،وبعنوان: “التداوي الذاتي في البقاع الأوسَط”…
حضَرَ النَدوةَ مجموعَةٌ من أساتذة الفرعِ وطلابهِ، ومديرة الفرع، الدكتورة تريز سيف، ورئيس الجمعية اللبنانية لعلم الاجتماع الدكتور فداء بوحيدر، بالإضافَةِ إلى أساتذة متقاعدين وحاليينَ من خارجِ الفرع، وطلابًا ومواطنينَ مُهْتَمينَ للموضوعِ المطروحِ.
أدارَتْ الدكتورة سوزان منعم وقائعَ الندوةَ، فأعطَتْ الكلامَ أوَلًا لحضْرَةِ المديرة، التي أشادَتْ باختصاصِ علمِ الاجتماع، الذي يُخوِلُ المُخْتَصينَ فيهِ طُلابأ وأساتذة، إلىأنْ يكونوا فاعلينَ اجتماعيينَ، من خلالِ مُقارَبَة ظواهِرِ المجتمعِ اللبناني مُقارَبَةً علميَةً، تؤدي بهِ إلى الخروج من معظَمِ أزماتِهِ. أما الكلمَةُ الثانيَةُ فكانتْ لرئيسِ الجمعيَة اللبنانية لعلم الاجتماع، الذي شكَر عائَلَةَ الفرعِ ومديرَتُهُ على الإستضافة الفكرية المُتميزة، مُوَضِحًا للحُضورِ، ميزاتِ الجمعية، من حيثُ نشأتها ونشاطاتها وتشبيكها مع الجمعيات الإقليمية والعالمية لعلم الاجتماع، وشارِحًا أيْضًا سُبُلَ وشروطَ الإنتسابِ إليها، لمن يحمِلُ شهادةَ الماستر وما فوقها…
بعد ذلك، أعطت الدكتورة سوزان منعم، الكلمة للدكتورة تمام منذر، التي أوْضَحَت ْأسبابَ اختيارها موضوعِ “التداوي الذاتي في البقاع الأوسَطْ”، والمنهجية التي عالجت من خلالِها موضوعَ البحثِ، الذي بُنيَ على فرضياتٍ، مبنيَةٍ بدورِها على مُقارَباتٍ نظريَةِ، ساعَدتِ الباحثة على التحقٌقِ منها ميدانيًا، على عيِنَةٍ مؤلَفَةٍ من 307 أشخاص. وقدْ تبيَنَ لها بالنتائِجِ، أن أسباب التداوي الذاتي، تعودُ بمعظَمها لمُعْتَقَداتٍ اجتماعيَة، شكَلَتْ ال”habitus” المُفَسِر للسُلوكِ المُتَبَعِ لدى أفرادِ العينة. كما كانَ أيْضًا أهميَة للصيْدَلي، الذي يُعطي أدويَةً ونصائحَ طبية من دون مراجعة الطبيب، كذلِكَ توفُرُ الأدويَةِ في الأسواقِ اللبنانية، من مصادر مُتَعَددة محلية وخارجية، مِما يُسَهِلُلمن يُريدُ أن يتداوى ذاتيًا، أنْ يُقدِمَ على الخطوةِ من دونِ صُعوباتٍ تُذكَرُ. أما توزيعُ النسَبِ في ذلِكَ فكانتْ كالتالي: 24%يلجأونَ للتداوي الذاتي مُباشَرَةً، 19% يذهبونَ للطبيبِ فورًا في كُلِ الحالات، و80%يتوجهونَ إلى الطبيبِ في الحالاتِ المُسْتَعصيَةِ فقط، و64% يتداوونَ عندَ الصَيْدَلي..
هذهِ النتائِجُ، كانَتْ محَطَةَ نقاشٍ وتعقيبٍ من الدكتورة كمال أبي شديد، التي أشادتْ بالجُهدِ المبذولِ لإتمام الدراسَةِ، قائلَةً حولَها التالي:” يمثل هذا الجهد البحثي، إضافة نوعية إلى حقل سوسيولوجيا الصحة، حيث يُسهمُ في توسيعِالنقاشِ الأكاديمي حول الممارساتِ الصحيةِ غير النظامية، كما يفتح المجالَ أمام تطبيقات بحثية وميدانية، يمكن أن تُفيدَ في صياغة سياساتٍ صحيةٍ، تراعي الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للمجتمع المحلي.” أما مُلاحظاتُ الدكتورة كمال فكانتْ حولَ اتساع موضوع الدراسة، وتعدد محاورها إذْ سألَتْ: ” ألم يكن من حصرِ موضوع الدراسةِبمحور التداوي الذاتي عبر الطب الحديث، او بالتداوي الذاتي باستخدام الطب التقليدي، أو الروحانيات، وترك إمكانية التوسّع لاحقًا لدراسات مستقلة، أهميةً أكثَرَ مما بُنِيًت عليهِ بالشَكلِ الحاليِ؟”…
بدورهِ عقَبَ الدكتورُ رامي ناصر على موضوعِ الندوَةِ، مُشيدًا بأهميتها وشُموليَتِها، مُرَكِزًا بشَكْلٍ دقيقٍ على دوافع وخلفيات الأشخاصِ الذينَ يتبعونَ التداوي الذاتي، إذا كانوا من خلفياتِ اجتماعيَةِ مُختلفة، أومن مُستوياتٍ علميةٍ تتراوَحُ بين الأميةِ، وبينَ حاملي الشهاداتِ العُليا، أوبينَ الأشخاص الذين ينتمون إلى طبقاتٍ اقتصاديَةٍ مختلفة، ليَتَبينَ بِشَكلٍ رئيسيٍ، أنَ المُعْتَقَداتِ التي ينشَاُ عليها الأفرادُ، هيَ التيْ تشرَحُ سلوكياتهم بالتداوي الذاتي بشكلٍ كبيرٍ.
أدى هذا التَعقيبُ إلى فتْحِ بابِ النقاشِ معَ الحاضرينَ أساتذةً وطُلابًا، الذينَ أجْمَعوا على أهميَةِ الموضوعِ المطروحِ، الذيْ يُشَكِلُ منفَذًا مُريْحًا على المُستوياتِ كافَةً، لأنَهُ موضوعٌ ثقافيٌ وترفيهيٌ وصُحيٌ، يبتَعِدُ كُلَ البُعْدِ عن الأمورِ اليوميَة التي تُشَنِجُ حياةَ اللبنانيينَ. كما توافَقَ الحاضِرونَ عل التشجيعِ لفتحِ ميدان علم اجتماع الصُحَةِ والرياضَةِ في معهَدِ العلومِ الاجتماعيَةِ، ليكونَ السَباقَ في التَطَرُقِ إلى ما يزيدُ من أمَدِ الحياةِ لدى اللبنانيينَ…
انتَهَتِ النَدوةُ عندَ الساعةِ الواحِدةِ ظُهرًا، ليليهَا لقاءٌ تقييميٌ صغيرٌ في مكتَبِ مديرةِ الفرعِ، حيثَ جرى بمُبادَرَةٍ منها، قطعُ قالَبِ من الحلوى احتفاءً بالعملِ التشبيكيِ مع الجمعيَةِ، واحتساءٌ للقهوَةِ اللبنانيَةِ، التي تُعطيْ اللقاءاتِ نكهَتَها المُتَميزة….